أعلنت لجنة تحكيم جائزة المجتمع المدني عن أسماء الفائزين في الدورة الثالثة للجائزة برسم سنة 2019، في حفل نظمته الوزارة المكلفة بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، مساء الأربعاء 4 دجنبر 2019، بفندق حدائق الورود (سوفيتيل) بالرباط، حضره عدد من الوزراء وممثلو جمعيات المجتمع المدني وشخصيات مدنية وسياسية وفكرية وفنية وإعلامية، وتخللته فقرات فنية احتفاء بالفائزين وبالمبادرات الإبداعية التي تبارت على الجائزة.
وفي كلمة له بالمناسب، أكد السيد المصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان أن هذه الجائزة الوطنية النوعية تعتبر مكسبا أفرزه الحوار الوطني حول المجتمع المدني ودينامية الرباط وجب على كل الفاعلين الحفاظ عليها والاسهام في تطويرها، كما تأتي في سياق تتويج المجهودات الكبيرة والمتواصلة لجمعيات المجتمع المدني في مختلف المجالات والاعتراف بالإنجازات المهمة والأعمال المتميزة التي قدمتها للمجتمع المغربي.
وأبرز السيد وزير الدولة أن تكريم جمعيات المجتمع المدني والشخصيات المدنية التي قدمت خدمات جليلة للمجتمع، أمر واجب، بل إن قيمنا المغربية الأصيلة تحتم علينا الاعتراف لهذه الجمعيات وللفاعلين الجمعويين بجهودهم وإسهاماتهم لفائدة مجتمعنا وبلدنا مصداقا لقول رسولنا الكريم صلّى الله عليه وسلم: (من أسدى إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تستطيعوا فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه)،
وأشار السيد وزير الدولة إلى أن الاحتفاء بالمتوجين بجائزة المجتمع المدني في دورتها الثالثة، هو اعتزاز، بما حققته الحركة الجمعوية من تراكم في تكريس حقوق الإنسان بكل أبعادها المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية في بلادنا، وبما يشكله المجتمع المدني بمختلف مكوناته، بما فيها جمعيات مغاربة العالم، من رافعة في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة المتوخاة، مذكرا بالإشادة المولوية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بالمهام التي يضطلع بها المجتمع المدني المغربي في خطبه السامية، حيث جاء في الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في الأيام الدراسية حول التدبير الجمعوي المنعقد يوم 14 فبراير2012 قول جلالته “ولا يسعنا إلا أن نبتهج بما أصبحت تشكله الجمعيات المغربية من ثروة وطنية هائلة ومن تنوع في مجالات عملها، وما تجسده من قوة اقتراحية فاعلة أصبحت بفضلها بمثابة الشريك، الذي لا محيد عنه لتطبيق ما نبتغيه لبلادنا من تقدم وتحديث.“
وأكد السيد وزير الدولة أن الوزارة عازمة على مواصلة الجهود بكل تفان وإخلاص في إطار التعاون البناء مع القطاعات الوزارية الأخرى والشركاء، لتنزيل الأوراش المتعلقة بالمجتمع المدني وحقوق الإنسان وتعزيز المكتسبات المحققة في هذا الصدد وتسريع وثيرة إنجاز البرامج والمشاريع الواردة في البرنامج الحكومي.
وتوجه السيد وزير الدولة إلى الفائزين بهذه الجائزة بالقول “إنكم نقشتم حروف المبادرة والتطوع والعطاء والتميز في صفحات الوطن وضربتم أروع الأمثلة على ما يمكن أن يقدمه أبناء وبنات الوطن لمجتمعهم”، مضيفا أن هذه الجائزة ليست نهاية المسار، فالدرب ما يزال طويلا ومهام خدمة المجتمع ليست بالأمر الهين، داعيا إياهم إلى الاستمرار -إلى جانب كل الفعاليات المدنية -في زرع قيم المجتمع المدني المبنية على التطوع والعطاء ونكران الذات.
من جهته أشاد السيد علي كريمي رئيس لجنة التحكيم بما أولاه دستور 2011 للمجتمع المدني من مكانة متميزة، لما يبذله من جهود ويقوم به من أدوار في مختلف المجالات داخل المجتمع،
وأشار خلال كلمته أن مهمة اللجنة في انتقاء الجمعيات المتوجة لم تكن سهلة بالنظر لكون الجمعيات المتبارية لها اسهامات متميزة في مجالات اشتغالها، مضيفا أن عمل اللجنة اعتمد معايير مختلفة منها التخصص والنضال الحقوقي والانتماء الجغرافي والبعد الأكاديمي والعلمي، الشيء الذي مكنها من تجاوز مختلف الصعوبات.
ونوه السيد علي كريمي بذكاء المجتمع المدني في الابداع والابتكار وبدوره التنموي وبقدراته على الاستجابة للأسئلة المجتمعية، وبدور المجتمع المدني في خلق الرأسمال اللامادي وحضوره الفاعل في كل مناطق المغرب العميق.
وتم خلال هذا الحفل تتويج الجمعيات والشخصيات المدنية الفائزة كما يلي:
– صنف الجمعيات والمنظمات المحلية:
فازت بالجائزة الأولى جمعية تافطويت آيت يعقوب للتنمية والتضامن من دوار آيت يعقوب دير القصيبة بإقليم بني ملال، عن مبادرة “النقل المدرسي بالعالم القروي من التعليم الأولي إلى التكوين المهني” تم إنجازها خلال الفترة ما بين أكتوبر 2010 وشتنبر2019. وساهمت في تخفيض نسبة الهدر المدرسي لدى تلاميذ المنطقة وفي تشجيع الطلبة على الاستمرار في الدراسة بالتكوين المهني، من خلال توفير النقل المدرسي من العالم القروي نحو المؤسسات التعليمية ومؤسسات التكوين المهني.
وكانت الجائزة الثانية مناصفة بين:
– جمعية التنمية الاجتماعية والثقافية من دوار ولاد يحيى بعمالة مراكش، عن مبادرة “الماء الشروب بالعالم القروي، حكامة توزيعه وتدبيره” انطلقت في فبراير1998 وما تزال مستمرة الى اليوم، وتهدف إلى تزويد منازل سكان الدوار بالماء الصالح للشرب وإزالة العبء الذي يعانيه الأطفال من أجل جلب الماء وتفرغهم للدراسة، وكذا تحقيق مجانية توزيع واستهلاك الماء من طرف المؤسسات الاجتماعية بالمنطقة.
– وجمعية الأشخاص المعاقين من مدينة زاكورة، عن مبادرة “نحو تنمية إقليمية دامجة لكل فئاته”، تم إنجازها ما بين يوليوز 2018 ويوليوز 2019. تهدف إلى المساهمة في إعمال اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عبر تمكين الجمعيات من الإطار الوطني والدولي لحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، وكذا تمكين الجمعيات والمنتخبين من آليات إدماج حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة في مخططات البرامج التنموية.
– صنف الجمعيات والمنظمات الوطنية:
فازت بالجائزة الأولى جمعية بيتي للأطفال في وضعية صعبة من مدينة الدار البيضاء، عن مبادرة “الضيعة الفلاحية/ المدرسة لإعادة تأهيل الشباب في وضعية الشارع” وتهدف إلى حماية الأطفال في وضعية التشرد وإعادة تأهيلهم نفسيا وتربويا من خلال الاستفادة من برنامج تكويني في مجال الفلاحة يخول لهم الحصول على دبلوم يفتح لهم المجال لولوج سوق الشغل.
في حين تم حجب الجائزة الثانية من هذا الصنف.
– وقد تم أيضا حجب صنف جائزة جمعيات المغاربة المقيمين بالخارج.
– صنف الشخصيات المدنية:
كانت الجائزة الأولى من نصيب فاطمة زها، من مواليد أوركا أقصري إيموزار، تشتغل على قضايا المرأة ومحاربة الأمية والتنمية الذاتية والمستدامة، عن مبادرة “مشروع تدوير البقايا الغذائية ونقلها من الساحل إلى الجبل”، يندرج في إطار التنمية المستدامة بتغازوت ويعالج مشكل النقص في العلف في المجال القروي وكثرة النفايات المكلفة، خاصة في فصل الصيف.
فيما عادت الجائزة الثانية للسيدةميلودة شقيق التي تشتغل على قضايا محاربة العنف ضد المرأة في العالم ومحاربة الأمية وتشجيع وإنعاش الجمعيات والرفع من قيمة المرأة بالتعلم والعمل، والمساهمة في نشر السلم إلى جانب تشجيع مبادرات ذات صلة بالفن والثقافة. عن مبادرة “محاربة الأمية والجهل خاصة لدى النساء”
وقد بلغ مجموع الترشيحات التي تم التوصل بها خلال هذه الدورة 143 ترشيحا استوفت 91 منها الشروط المنصوص عليها في المرسوم المنظم للجائزة، منها 60 ترشيحا تهم جمعيات وطنية ومحلية وعن الجالية المغربية في الخارج، و31 ترشيحا لشخصيات مدنية.
وتأتي هذه الجائزة، التي تم إحداثها بموجب مرسوم صدر في 4 مارس 2016، تقديرا للإسهامات النوعية والمبادرات الإبداعية لجمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية وكذا للشخصيات المدنية التي قدمت خدمات متميزة للمجتمع، وتهدف أيضا إلى تثمين عطاءات المجتمع المدني والاعتراف بها والتحفيز عليها، وتعميم التجارب الناجحة وتوفير أرضية ومنصة لإشعاع هذه التجارب.